KNN- صلاح حسن بابان
فُتحَ أمام
العراق باب آخر من أبواب الأزمات المتتالية بعد 2003، وأشدها ظهور تنظيم داعش
الإرهابي وسيطرته على أجزاء ومساحات واسعة من البلاد في حزيران- يونيو من عام 2014
بعد انسحاب قطعات هائلة من الجيش ووقوع مدن كبيرة مثل نينوى وصلاح الدين والأنبار
بيد التنظيم وقيامه بعمليات قتل وتهجير وحشية ضد سكان هذه المحافظات.
واستعاد العراق
عافيته تدريجياً بعد تطهير هذه المدن وطرد التنظيم المتطرف منها عسكرياً إلا أن
الأزمة الإقتصادية مازالت قائمة منذ سنوات وتعيق طريقه نحو الإستقرار السياسي
والأمني والإجتماعي، لكن باب أزمة أخرى فتح بوجه العراق لم يكن في الحسبان وهي
الازمة الصحية وظهور فيروس "كورونا" وانتشاره في كافة المدن، مع وجود
احتمالات بخروج الوضع عن السيطرة مع تزايد أعداد الإصابات بالفيروس وتسجيل 21 حالة
وفاة، و781 اصابة في أحدث احصائية نشرتها وزارة الصحة يوم 3 حزيران 2020.
تزامن ظهور
الفيروس مع انخفاض أسعار النفط العالمي على اثر زيادة الإنتاج من الدول المصدرة
للنفط في مقدمتها السعودية، وهذا ما أدخل العراق في نفق أزمة أخرى تضاف الى الأزمة الأمنية مع
تزايد تحركات التنظيم الإرهابي وإستمرار الأزمة السياسية واندلاع مظاهرات احتجاجية
والخلافات القائمة بين الكتل والأحزاب السياسية.
ويواجه العراق هذه
الأزمات في خضم وضع حرج تشهده البلاد مع إستمرار المظاهرات الإحتجاجية، وهي تمرّ
بأزمة اقتصادية خانقة وحالة من الفوضى السياسية، فضلاً عن دفعه ثمن التوترات
والصراعات الدولية الدائرة في المنطقة والعالم وعلى وجه الخصوص بين الولايات المتحدة وإيران.
وأكثر ما يثير
القلق مع إستمرار هذه الأزمات، هو أن القطاع الصحي في البلاد متدهور وليس بالمستوى
المطلوب فضلاً عن عدم قدرة المستشفيات التعامل مع أزمة كورونا بآلية تساهم في
معالجة المشكلة مع اللامبالاة الواضحة من المواطن ازاء قرارات حظر التجوال وعدم إلتزامه
بها.
ودفع ظهور
"كورونا" العراق الى هاوية الإفلاس مع تراجع أسعار النفط والميزانية
الضخة اللازمة التي يدفعها للرواتب لاسيما للدرجات الخاصة والعليا في الدولة
العراقية في وقتٍ تعتمد خزينة الدولة على 90% على واردات النفط، مما يجعلها في وضع
حرج لدفع رواتب الموظفين والشرائح الأخرى من المتقاعدين وغيرهم.
وعلى الرغم أن الأزمات
الثلاث التي ضربت العراق خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة لاسيما الأزمة الاقتصادية
والصحية إلا أنه ليس من المعقول أن نحكم عليه بالإنهيار من الناحية الإقتصادية.
حسب المحلل المالي ضياء المحسن. معاتباً في حديثه لـ"ديجتال ميديا KNN" المحللين الإقتصاديين وتوقعاتهم السلبية حول الوضع
الإقتصادي للعراق وتوقعهم بإنهيار العراق من الناحية الإقتصادية.
واستبعد المحسن
إفلاس العراق رغم صعوبة الموقف كونه يمتلك موارد وامكانيات مالية وبشرية تساعده في
الخروج من الأزمة الحالية ان تمت إدارتها بشكل صحيح حتى وإن كان العراق مديناً
بـ(130 مليار دولار) كما تقول المصادر.
ويعزو المحلل
المالي أسباب المصاعب الإقتصادية الى يمر بها العراق بين فترةٍ وأخرى الى سوء
الإدارة التي تدير البلاد لاسيما في المسائل الإقتصادية التي تدار من أناس غير
اقتصاديين – على حد قوله- فضلاً عن غياب التخطيط للمشاريع المستقبلية ومنها ما يتعلق
بالموازنة.
وفي هذه الظروف
على الدولة أن تقوم بإصلاحات جذرية وفورية وهي بمثابة نقطة تحول إيجابي خصوصاً في
الجهاز الوظيفي الذي يقدر بنحو ثلاثة ملايين و(250 ألف) موظف في الدولة، وهو رقم
ضخم جداً.
ومن الخطوات
الضرورية والواجب البدء منها نحو الإصلاحات هي تفعيل القطاع الخاص بصورة صحيحة
وليست إنتقائية وتفعيل المعامل لاسيما الحكومية التي تقدر أعداد موظفيها بنحو (650
ألف) موظفاً.
ويمر العراق
بتحديات داخلية وخارجية ومنها المؤثرات الدول الإقليمية التي تحاول البعض منها فرض
سيطرتها وارادتها على البلد وسط المشاكل التي يعاني منها.
وعلى الحكومة ان
تكثف جهودها بخطوات سريعة للخروج من الأزمات الحالية مع مراعاة المواطنين والفئات
ذات الدخل المحدود. كما يقترح ذلك عضو مجلس النواب أحمد الكناني. داعياً الحكومة في
حديثه لـ"ديجتال ميديا KNN" االإبتعاد
عن أي قرار يضر بالمواطنين والموظفين. في تعليق منه على نية الأولى تخفيض أو إدخار
رواتب الموظفين.
ويؤيد النائب
الكناني رأي المحلل المالي ضياء المحسن في حاجة العراق لإدارة حقيقية تخرجه من
الأزمة الحالية كونه يمتلك موارد بشرية ومالية، مؤكداً على ضرورة تفعيل الموارد
المعطلة منها المنافذ الحدودية والصناعات المختلفة التي توفر ميزانيات ضخمة للدولة
في حال تم إستغلالها بشكل صحيح.
بدوره يشدد الصحفي المتخصص في الشأن الإقتصادي علي كريم إذهيب ضرورة تفعيل الموارد المالية الأخرى لقطاعات
كانت تساهم قبل عام ٢٠٠٣ بنسب كبيرة في الناتج المحلي الاجمالي كالزراعة والصناعة
والتكرير والبتروكيماويات والصناعات الغذائية.
وتحول الإقتصاد
العراقي بعد ٢٠٠٣ إلى ريعي شاذ معتمد على وارادات النفط الخام فقط وعند التحول
للاقتصاد المفتوح لأن تضطر الحكومة في حينها استقطاع من الرواتب لأن المفاصل
الاقتصادية ستعمل وستوفر فرص عمل ومنتوج يسد الحاجة المحلية وستكون الدولة بنسبة
٧٥٪ صامدة من أي أزمة مالية او غيرها مقبلة.
ويصف إذهيب
خطوات الكاظمي في الخروج من الأزمات الحالية بأنها "جيدة" نوعا ما.
مضيفا في حديثه لـ"ديجتال ميديا KNN" ان توفير النفقات المالية
لسداد رواتب الموظفين للقطاع العام والمتقاعدين الضرورة القصوى. مؤكدا ان تقليص
النفقات وترشيد النفقات للدرجات العليا من مدير عام الى رئيس الجمهورية سيساهم
بتدفق نقدي للموازنة التشغيلية.
1195 عدد القراءات