منذ سنوات
والحكومات العراقية تتشكل على مبدأ طائفي بحت، فكل مكون "عراقي" يأخذ
حصته دون النظر إلى واقع العراق المزري، وتدور اليوم مباحثات لتشكيل الحكومة
السابعة بعد سقوط النظام السابق في 2003 والمكلف بتشكيلها رئيس جهاز المخابرات
الوطني السيد مصطفى الكاظمي، ولو نظرنا إلى تسلسل الحكومات لوجدنا أن أربعة منها
قد تشكلت بغياب أي تمثيل للايزيديين في وزاراتها، أو حتى الهيئات المستقلة.
تواجد
الايزيديون في حكومتي الدكتور اياد علاوي والدكتور ابراهيم الجعفري، لكنهم غابوا
عن حكومة السيد نوري المالكي في الدورة الأولى لأسباب طائفية بحتة آنذاك، بسبب
الحرب والفتنة الطائفية، وفي حكومة المالكي الثانية تم منح الايزيديين حصة، لكنها
ذهبت للكورد بحجة أن الايزيدين ينتمون اليهم، أما في حكومة الدكتور حيدر العبادي،
فالايزيديون كانوا يلعقون جراحهم بسبب ما تعرضوا له من إبادة دون أي اهتمام يذكر
من الحكومتين الاتحادية والاقليم اللتين اتاحتا لداعش احتلال ثلث العراق وقتل آلاف
العراقيين بمختلف أديانهم بسبب التركيز على حصص الكعكة العراقية فقط. كل ما سلف
أسس لحجب أي مقعد وزاري عن الإيزيديين في الحكومة السادسة التي شكلها السيد عادل
عبد المهدي.
أما حصة
الأقليات فهي دائما ما تذهب الى المسيحيين في كل الحكومات السابقة، بالاضافة الى
المناصب الأخرى في الهيئات المستقلة، وهو ما جرى عليه العرف السياسي في البلاد منذ
12 عاما، مع تهميش الأقليات الأخرى، وخصوصا الايزيديين الذين يملكون تعدادا سكانيا
ليس أقل من المسيحيين، وفي ظل محاولة النظام السياسي الظهور بمظهر المراعي لحقوق
الأقليات الدينية، يظل السؤال الأهم: هل استفادت هذه الأقليات من تولي المسيحيين
لجميع المناصب المسندة للأقليات؟
وتكرر المشهد
مرة أخرى هذه الايام مع تشكيل الحكومة السابعة، ولكن بمنافس جديد وهم التركمان
الذين أصبحوا فجأة أقلية في البلاد، كما هو حال الايزيديين والمسيحيين والصابئة، رغم
أنهم ينقسمون الى سنة وشيعة، ويشغل بعضهم مناصب في الحكومة على هذا الأساس.
ولطالما سمعنا
مقولة خاطئة وهي أن الايزيديين كُورد، أو كما يقول السيد مسعود البارزاني رئيس
الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن "الايزيديين كُورد أصلاء"، لذلك فغالبا
ما تذهب بعض حصص الايزيديين في الهيئات المستقلة الى الكورد، وذلك ضمن اتفاق سياسي
مع بعض الايزيديين الذين ينخرطون في صفوف الحزب المذكور، ما أسهم بفرض الهوية الكوردية
على الايزيديين وصادر استحقاقهم في كل مرة.
إن أسوأ ما في
الأمر هو الخلاف الايزيدي الايزيدي الذي تعمق بعد رحيل الأمير تحسين بك، إذ سرعان
ما دب الاختلاف وانقسم الايزيديون إلى أربعة أقسام، كل قسم يتبع أميرا معينا
للديانة، ما تسبب بظهور تيارات سياسية جديدة داخل المكون الايزيدي، ومما زاد الطين
بلة هو فشل أول تحالف ايزيدي سياسي في الانتخابات الأخيرة، لأن الأحزاب السياسية
الأربعة التي كونت هذا التحالف تفكر بمصالح خاصة، وكانت تبحث عن إرضاء أطراف أخرى
غير إيزيدية.
وتظل الإمارة
الايزيدية الاقوى التي تسيطر على معبد لالش المقدس (رمز الديانة وأتباعها) بعيدة
عن بغداد منذ تسلم مقاليدها نجل الأمير الراحل، وهو الأمير حازم تحسين بك الذي لا
يفتأ من تكرار مقولة أن "الايزيديين جزء من النسيج الكوردي"، ما أضاع
على الإيزيديين الكثير من الحقوق والمناصب.
وعلى الرغم من
كل هذا الخلاف، إلا أنه يظل أمام الايزيديين في العراق طريق واحد للحصول على
استحقاقهم وهو تشكيل مرجعيتهم السياسية الخاصة بهم، والمنفصلة عن باقي المكونات
سواء الكورد أو العرب أو حتى الأقليات الأخرى، تقوم تلك المرجعية بمحاورة بغداد
وأربيل بنفس القوة والمطالب فحقوق الايزيديين لازالت مسلوبة لدى الطرفين.
642 عدد القراءات