أخشى من ضرب
أحدهما بالآخر، فائق الشيخ علي ، النائب الناقم الى اقصى فوضى التعبير اللفظي ضد
العملية السياسية ورموزها ،المتدين الملتزم الذي شهر سيف المدنية ضد حكم المتدينين
بعد أن اتاحته لهم الولايات المتحدة الأمريكية باسقاطها صدام واحتلال العراق الذي
بشر فائق به ودعمه وبرر اهدافه.
ورغم ذلك حين
التحق الشيخ مـتاخرا بالعملية السياسية - انتخابات 2014 – مثّلَ ظاهرةً بارزة في
نقد التجربة وفضح رموزها دون أن يسمهم بأسمائهم، يشتمهم وينتقدهم وهو بينهم ويتحدث
عن جهلهم وفسادهم وعمالتهم وسوء ادارتهم وخطرهم على البلاد باسلوب منفعل تختلط
جديته بتهكّمه ، مما يفقده غالباً الوقارَ الذي يفصل بين المشاكس والمحارب .
لا قاعدة للسيد
فائق قبل التظاهرات الأخيرة سوى الجمهور العشوائي الساخط غير المنظّم الذي وجد في
جرأته متنفسا وثأرا بغياب أدوات المواجهة والقدرة على التغيير.
وما أن اندلعت
مظاهرات تشرين التي دفعت مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمعاقين في زمن قياسي وفي
قمع اسطوري من الحكومة وظلالها، حتى التقى الطرفان عند نقطة النقمة المشتركة على
الأوضاع.
بعض الثوار
وجدوا في فائق حصانهم الجاهز لاختراق السلطة كونه من أعمدتها ويعرف شؤونها وله يدٌ
نظيفة بين أياديهم الملطخة بالدم والفساد ، فيما وجد فائق وللمرة الاولى (ميلشيا
)ضاربة خاصة به هي الشعب الثائر الذي يحقق له أمانيه بالانقلاب على النظام وتغييره
بلطف ودون دماء ، فقدم نفسه مرشحا لرئاسة وزراء حكومة مؤقتة ، لاتستأهل كل هذا
التدافع لرئاستها اذا كانت فعلا مؤقتة وذات مهمة محددة هي اجراء انتخابات مبكرة
تسفر عن برلمان مهني يجري تعديلات دستورية ويختار حكومة دائمة تحت المراقبة
والتوجيه وتصحيح المسار الخاطيء الذي انحرف بمشروع الدولة الى الحضيض طيلة الستة
عشر عاما الماضية .
لقاء النوايا
بين فائق والمتظاهرين – ولايمكننا التعميم التام - ليس لقاء عضويا ، بل تقارب
أماني ، الثورة تنطلق من ضرورة حتمية في تاريخ البلاد حيث يخرج جيل جديد للمرة
الاولى متحديا السلطة وظلالها مطالبا بالتغيير الجذري ، وفائق حتى الآن سيناريو
على الورق لاتستطيع تقدير موقفه وقوته ودرجة نجاح تنفيذه اذا ما دخل أبنية السلطة
وأجهزتها ودهاليزها وهي مازالت تحت سيطرة أعدائه اللفظيين .
حيث تبدو لعبة
الدم والتوريط والامر الواقع جاهزة الحبال لتقييده وافشاله واستغلال عصبيته
وانفعاله وخروجه المألوف عن جادة الصبر ، لتكتسب التظاهرات حينها شكل حكومة فائق
في حالتها هذه بعد كل الدماء التي اريقت والتضحيات والأهداف الكبرى لها.فيُضرب
الإثنان ببعضهما وهذا ليس في صالح ثورة تشرين وليس في صالح اخي وصديقي فائق
ومستقبله لاسيما وان الثورة أهم منه ومن اي شخص بالطبع لأنها لاتقوم على الاشخاص
بل على المنهج والاهداف الوطنية الكبرى .
أسوق هذه
الهواجس ونحن نراقب حركة المحاور المعلنة والخفية في الصراع على الحكومة القادمة
بين جناحين ، الاول يريدها حكومة مماطلة تكمل الثلاث سنوات المتبقية من ولاية عادل
عبد المهدي ، فيما يريدها الجناح الآخر حكومة انقلابية تبدأ معها ثمار الثورة
بالنضوج بانتظار حصادها الحتمي .
581 عدد القراءات