نعم، إنه ذاك الوطن الذي كان يحتضن أبناءه،
ذاك الذي عشنا فيه أجمل طفولتنا والذي عاش فيه آباؤنا وأجدادنا وأسلافنا.
نعم، ذاك الوطن الذي طالما أحببناه وتمتعنا بالعيش الرغيد فيه، ذاك الوطن المحب الجميل ذو
الهواء الصافي والطبيعة الخلابة، ذاك الوطن الذي عاش كل واحد من مواطنيه بحب الجار والإخوان
والأخوات والأصدقاء والآخر المختلف في اللون والجنس والدين والمعتقد.
نعم، إنها سوريا الحبيبة. بكل فخر أنطق
اسمك يا بلادي، يا ينابيع الثقافة ومهد الحضارات ومحط الأنبياء والمرسلين.
كم كنا
نفتخر عندما كنا نعيش فيك سعداء !. لكن لما أصبح شعبك وأرضك مطمع الدول الإقليمية والدول
العظمى، وهبت رياح الحرب حاملة معها الدمار والقتل والتهجير والفقر والخوف والحزن
أدت إلى إحداث تغييرات كارثية في حياة مواطنيك الذين كانوا يعيشون فيك آمنين مطمئنين بالأمس، فأصبح السوريون مشردين، وقذفت بهم يد القدر إلى مخلتف بلدان العالم، حيث
واجهوا مصائر مجهولة وأصبحوا شخصيات لقصص درامية مليئة بالمعاناة، فتجرعوا المرارة
ورأوا ما لاتصدقه العيون من الظلم والتهجير والقتل والجوع .
أصبح السوري بسبب الحروب في نظر الآخر شخصية مهدومة وذليلة ومسلوبة الكرامة ومدمرة الآمال ومجهول المستقبل إلى حد بات السوريون يخجلون من قول " أنا سوري".
فضلا عن ذلك، فقد أصبح الإنسان السوري البسيط والمسالم - بسبب الحروب - في نظر الآخر شخصية مهدومة وذليلة ومسلوبة الكرامة ومدمرة الآمال ومجهول المستقبل
إلى حد بات السوريون يخجلون من قول " أنا سوري".
لكن مع ذلك كله، فإنني كسورية مشردة، أقول
بكل إرادتي وبصوت جهوري: يا بلادي إن ما يحدث فيك الآن، ليست سوى مرحلة عابرة، وستجتازين
هذه المرحلة مرفوعة الرأس. ولا أشك في أنك ستعودين مزدهرة جميلة آمنة ساكنة. وسيعود
إليك أبناؤك عاجلا أم آجلا بمشيئة الله. باركك الله، وستبقين مباركة.
*كاتبة سورية
757 عدد القراءات