مع سقوط النظام السوري والتوجه نحو تشكيل حكومة بديلة، يواجه العراق تحديًا إستراتيجيًّا يتمثل في الحفاظ على مصالحه الوطنية وبناء علاقات إيجابية مع القيادة السورية الجديدة، بشكل يخدم استقرار المنطقة ورفاهية شعوبها. لتحقيق ذلك، ينبغي لصانع القرار العراقي أن يأخذ النقاط التالية بعين الاعتبار:
فهم القوى الجديدة في سوريا:
يُعد فهم القوى الجديدة وتحليل امتداداتها، وعوامل قوتها وضعفها، خطوة أساسية لبناء سياسة متوازنة. على العراق إقامة جسور اتصال فعالة مع القوى النافذة على الساحة السورية، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو اجتماعية، من خلال تواصل إيجابي، وتجنب الانحياز لطرف على حساب الآخر لضمان علاقة متوازنة مع جميع الأطراف.
الحذر من التحديات:
يجب أن تقوم الحكومة العراقية بضبط الحدود لمنع تسلل المجاميع المسلحة، أو دخول الأسلحة والمواد المخدرة والممنوعة. ومنع انتشار الأيديولوجيات المتطرفة التي قد تؤثر سلبًا على الأمن الداخلي العراقي، مع تعزيز الرقابة الأمنية والاستخباراتية.
من الضروري بناء جسور مع الطبقة الوسطى السورية، واستثمار نزعتها المدنية لبناء شراكات إستراتيجية مع الشعب والدولة السورية في مختلف المجالات
الاستفادة من العلاقات الإقليمية والدولية:
يجب أن يوظف العراق علاقاته الإيجابية مع تركيا – جوار العربي- والولايات المتحدة لإقامة إطار إقليمي، يدعم ولادة نظام سوري جديد ومستقر، ويعزز دوره كوسيط إقليمي محايد يسعى لتحقيق استقرار المنطقة، كفاعل دبلوماسي مؤثر
تعزيز الرؤية المستقبلية:
يجب أن يخطط العراق لبناء علاقات مع سوريا، تقوم على المصالح المشتركة بعيدًا عن الإملاءات الخارجية، يكون التركيز فيها على تحقيق الاستقرار الإقليمي، كهدف إستراتيجي مشترك بين البلدين الشقيقين.
كما يجب أن تضع الحكومة العراقية خطة طويلة المدى لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لضمان علاقات مفيدة ومستقرة.
إقامة شراكات إستراتيجية:
من الضروري بناء جسور مع الطبقة الوسطى السورية، واستثمار نزعتها المدنية لبناء شراكات إستراتيجية مع الشعب والدولة السورية في مختلف المجالات، وأهمها:
الشراكة الثقافية:
سوريا والعراق يمثلان إرثًا حضاريًّا غنيًّا؛ فقبل الإسلام، كانت سوريا وارثة للحضارات القديمة، والعراق مهد الحضارات السومرية والبابلية، وبعد الإسلام، أصبحت سوريا مركز الدولة الأموية، والعراق مركز الدولة العباسية.
لهذا، ما يجمع الشعبين والبلدين أكثر بكثير مما يفرقهما، فلا توجد دولة أشبه بالعراق من سوريا، ولا مدينة أشبه ببغداد من دمشق. لهذا، هناك فرص كبيرة للتعاون الثقافي والأكاديمي عبر دعم الشراكات بين الجامعات العراقية والسورية، وتقديم منح دراسية، وإطلاق برامج تبادل ثقافي لتعزيز الروابط بين الشعبين.
يمثل سقوط النظام السوري فرصة للعراق لتعزيز دوره الإقليمي، واستغلال هذا التحول لصالحه.. وبالاعتماد على سياسة حكيمة ومتوازنة، يمكن للعراق ضمان مصالحه الوطنية والمساهمة في استقرار المنطقة بأكمله.
الشراكة التجارية:
تعزيز العلاقات التجارية مع سوريا الجديدة يضمن ترابطًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا يخدم البلدين الجارین؛ فالعراق بإشرافه على الخليج العربي ومن خلاله دول الخليج، وسوريا بموقعها على البحر الأبيض المتوسط بوابة أوروبا، يمثلان طريقًا ذهبيًّا للتجارة الإقليمية والدولية، بما في ذلك تصدير النفط.
كذلك يمكن للعراق تقديم تسهيلات تجارية مباشرة، مثل: فتح الأسواق العراقية أمام المنتجات السورية، ودعم الشركات السورية الناشئة، وتسهيل حركة البضائع
83 عدد القراءات