KNN- صلاح حسن بابان
مرة أخرى عاد الجدل حول إمكانية المكلف الثالث بتشكيل الحكومة رئيس جهاز المخابرات العراقي مصطفى الكاظمي بعد فشل نظيريه علاوي والزرفي في القدرة على المضي قدماً والإعلان عن الكابينة الوزارية الجديدة خلفاً للمستقيل عادل عبدالمهدي.
ومع الأيام الاولى من إستقالة عبدالمهدي، وطرح عدة مرشحين لشغل رئاسة الحكومة الجديدة، كان الكاظمي حاضراً وبقوة في أية مجموعة أسماء تطرح، وهذا ما دفع الى التساؤل حول أسباب التي تجعل من الشخص المذكور دائم الحضور من بين الشخصيات المطروحة بإستمرار...؟
وكلّف الكاظمي بتشكيل الحكومة من قبل رئيس الجمهورية برهم أحمد صالح في 9 نيسان الجاري داخل قصر السلام بمنطقة الجادرية وسط بغداد، بحضور عدد من القيادات السياسية، بينهم رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم ورئيس تحالف الفتح هادي العامري ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
وجاء التكليف بعد تقديم عدنان الزرفي الاعتذار من تكليفه برئاسة الوزراء "للحفاظ على وحدة العراق ومصالحه العليا"، بحسب ما أكده الزرفي في مؤتمر صحافي عقده قبل التكليف بدقائق.
ومع الساعات الأولى من تكليفه، أثيرت تساؤلات حول إمكانية الكاظمي في المضي نحو تشكيل الحكومة وتقديم كابينته الوزارية على عكس ما حصل مع نظيريه علاوي والزرفي.
وتبدا المهمة الأولى للكاظمي بتمرير كابينته الوزارية عبر بوابة البرلمان، ومازالت هذه المهمة تتراوح في مكانها لعدم وجود جدية من قبل جميع الكتل السياسية وخصوصاً الشيعية منها المرتبطة بإيران.
ملفات معقدة
وعلى الرغم من تقديم استقالته نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لكن هناك حسابات تفضّل بقاء عادل عبدالمهدي في منصبه لحين انتهاء الدورة الحالية للحكومة، لوجود مصلحة سياسية كبيرة لبعض الأطراف السياسية وخصوصاً التي تمتلك ما تسمى بـ"فصائل المقاومة".
وسيكون الكاظمي أمام ملفات معقدة وصعبة للغاية في حال تم التصويت على كابينته ما لم تكن هناك اتفاقات وتفاهمات سياسية مسبقة بين الأطراف السياسية، ومنها ما يتعلق بمطالب المتظاهرين بإجراء انتخابات مبكرة، ولايمكن ذلك ما لم يكن هناك قانون انتخابات عادل ومفوضية انتخابات نزيهة اضافةً الى ان تكون الإنتخابات تحت مظلة الأمم المتحدة.
وتتعارض هذه المطالب مع رؤى بعض الكتل السياسية التي قد لا ترى في الإنتخابات المبكرة ضرورة ملحة مع إستبدال قانون الإنتخابات والمفوضية، وهذا ما يجعل مهمة الكاظمي صعبة ما لم يحصل على الدعم المطلوب واللازم.
ويقف الكاظمي أمام تحدٍ كبير وهو الملف الإقتصادي بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط واستمرار الدولة في نهج الصرفيات كبيرة، وهذا ما يجعل مهمة الكاظمي تبدو صعبة للغاية وسط النفق المظلم الذي يسيرُ فيه. بحسب المحلل السياسي أحمد الخضر.
وعلى الكاظمي إعادة هيبة الدولة وكبح جماح بعض الجماعات المسلحة التي استهدفت المتظاهرين والناشطين خلال الفترات السابقة، وهما من أولى الملفات التي سيعمل عليها الكاظمي، كما يذهب الى ذلك الخضر في حديثه لـ"ديجتال ميديا KNN".
مهمة الكاظمي
وكان الكاظمي قد أكد في وقتٍ سابق من اليوم أن حكومته جاهزة وسيراعى في اختيار الوزراء النزاهة والكفاءة، وستكون مهمته الأساسية هي إبعاد العراق عن الصراعات الإقليمية.
وقال الكاظمي، في لقاء محدود مع كتاب وإعلاميين عراقيين: إن مهمته هي إبعاد العراق عن الصراعات الإقليمية، وذلك في رده على سؤال حول طبيعة الموقف من الولايات المتحدة وإيران.
وأشار الى انه "سيكون لدينا حوار جاد مع الولايات المتحدة بشأن طبيعة وجودهم في العراق، والأهم أن ما يجب أن أتعامل معه بحزم هو ألا يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات مع تأكيد أنني سوف أعمل على الانفتاح بشكل جاد على المحيطين العربي والإسلامي وطبقاً لمبدأ المصالح المشتركة وهو ما يتطلب منا عملاً جاداً في هذا الاتجاه".
وقال الكاظمي إن أولوياته هي معالجة الأزمة الاقتصادية التي تمثلت بانخفاض حاد لأسعار النفط "وهو ما يتطلب منا اتخاذ إجراءات حازمة وقوية من أجل عبور هذه الأزمة" واحتواء تداعيات فيروس كورونا وإجراء الانتخابات "في أسرع وقت ممكن".
المقبولية الأمريكية الإيرانية
وتشير المعطيات الموجودة على أرض الواقع الى امكانية نجاح الكاظمي في تمرير كابينته داخل قبة البرلمان نظراً لحجم التوافقات السياسية الكبيرة الموجودة بين الكتل السياسية، ويعود السبب في ذلك لعدة عوامل أبرزها المقبولية الأمريكية الإيرانية عليه، بالإضافة إلى أنه مقرب من الجميع ولكن في حال فكر بتشكيل حكومة مستقلة تعتمد على المهنيين ولم يأت بشخصيات مرشحة من قبل الأحزاب سيكون مصيره مصير المكلف الأسبق محمد توفيق علاوي.
وسيسير الكاظمي بخطة الاتفاق مع الأحزاب وقد اتعظ من اسلافه علاوي وعدنان الزرفي اللذين فشلا بتمرير كابينتهما، لآن الكتل السياسية تريد الحفاظ على مصالحها في ظل الظروف الحالية، كما يرى الصحفي علي الحياني، وأضاف لـ"ديجتال ميديا KNN": لا أرى أن طريق الكاظمي سيكون مكللا بالنجاح حتى لو مرت الكابينة الحكومية عن طريق البرلمان.
وطالب المتظاهرون في البلاد بإجراء انتخابات مبكرة وتقديم الجناة الى العدالة ومن عليهم شبهات الفساد، إلا انه ليس بامكان الكاظمي تحقيق ذلك على الأقل خلال الفترة الاولى من تشكيل حكومته، بحسب الحياني، عازياً السبب في ذلك الى رهن قراراته بيد الكتل السياسية التي رشحته لهذا المنصب والتي لن توافق على المطالب العديدة للمتظاهرين التي تحد من نفوذ الأحزاب والكتل.
وتوقع الحياني ان يذهب الكاظمي الى الإنتخابات المبكرة وهي واحدة من أبرز مطالب المتظاهرين.
وينص الدستور العراقي على استمرار أي حكومة عراقية تتشكل لمدة أربع سنوات، إلا أن الحديث عن إمكانية استمرار حكومة الكاظمي لمدة سنة واحدة والتمهيد لإجراء انتخابات مبكرة، لايستند على أي سند قانوني. جاء ذلك في ردٍ للخبير القانوني طارق حرب على سؤال ٍ لـ"ديجتال ميديا KNN": عن مدى دستورية تشكيل حكومة مؤقتة في العراق لمدة عامٍ واحد.
خمسة مرشحين
وسيعتمد الكاظمي في برنامجه الحكومي لتشكيل الحكومة الجديدة على إختيار مرشح واحد للمناصب الوزارية من بين خمسة مرشحين تقدمها له الكتل السياسية، على أن تُمنح الأريحية الكاملة للكاظمي في إختيار أعضاء حكومته.
ومازال الكاظمي مستمر بمفاوضاته مع الكتل السياسية لإستكمال الكابينة الحكومية الجديدة، إلا أن ذلك سيعتمد على مدى تنازل الأطراف السياسية والسماح بمرور الكاظمي وعدم إعادة سيناريو علاوي والزرفي، كما يقول ذلك النائب عن تيار الحكمة الداعم للكاظمي عباس سروط في حديثه لـ"ديجتال ميديا KNN".
إضاءة
ويحمل الكاظمي المولود في بغداد سنة 1967 شهادة البكالوريس في القانون، وغادر البلاد عام 1985 عن طريق كوردستان إلى إيران ثم ألمانيا وبعدها بريطانيا، قضى سنوات طويلة من عمره خارج العراق معارضاً لنظام صدام حسين، وهو لا يحمل جنسية أخرى رغم اتهامه بأنه محسوب على واشنطن.
وعمل الكاظمي كاتب عمود ومديراً لتحرير قسم العراق في موقع "مونيتور" الأمريكي، مركزاً في مقالاته على ملفات السلم المجتمعي في العراق، والكشف عن العديد من الإخفاقات التي صاحبت تجربة النظام السياسي العراقي بعد عام 2003.
وأدار الكاظمي من بغداد ولندن مؤسسة "الحوار الإنساني"، وهي منظمة مستقلة تسعى لسد الثغرات بين المجتمعات والثقافات والتأسيس للحوار بدلاً عن العنف في حل الأزمات من خلال تعاون يقطع الحدود الجغرافية والاجتماعية.
كما نشر خلال مسيرته المهنية العديد من الكتب، أبرزها "مسألة العراق.. المصالحة بين الماضي والمستقبل".
1128 عدد القراءات